يعتبر النسيان مرضا روحانيا لا يخلو من دس الشيطان وهمزه ، يقول الله تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم { وقال للذي ظن انه ناج منهما اذكرني عند ربك فأنساه الشيطان ذكر ربه فلبث في السجن بضع سنين (42) } سورة " يوسف " . وقال الله تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم { قال ارئيت اذ اوينا الى الصخرة فاني نسيت الحوت وما انسانيه الا الشيطان ان اذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا (63) } سورة " الكهف " وينقسم النسيان كمرض روحاني الى اربعة اقسام : القسم الاول : نسيان الذكر . القسم الثاني : الغفلة . القسم الثالث : السهو . القسم الرابع : فقدان الذاكرة . اما القسم الاول : وهو نسيان الذكر والمقصود بالذكر هو عبادة الله وذكره ، وهذا النوع من النسيان قد يسيطر على مصير انسان ، ويلقي به الى التهلكة ، يقول الله تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم { قال رب لما حشرتني اعمى وقد كنت بصيرا (125) قال كذلك اتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى (126) } سورة " طه " . اللهم انا نعوذ بك ان نقع في نسيان ذكرك اللهم آمين . اخي القارىء : يجب على الانسان ان يكون حذرا من شر نفسه ، ومن شر الشيطان ونزغاته وهمزاته ، وان يراقب حركاته وسكناته وان لا يفعل ما يغضب الله ، لانه اذا اغضب ربه اعرض عن ذكره ، واذا اعرض الانسان عن ذكر الله ، تتحول حياته الى ضنك ، وفي الآخرة يصلى الجحيم ، وفي المحصلة يخسر الدنيا والآخرة والعياذ بالله ، نسأل الله لنا ولكم الهداية والصلاح اللهم آمين . اما القسم الثاني : فهو الغفلة ، والمقصود بالغفلة هو انه سها من قلة التحفظ والتيقظ اي تركه اهمالا من غير نسيان ، وان الانسان يفقد السيطرة على الميزان اي العقل لبعض الوقت فيتحكم بالميزان الشيطان فيحصل ما يحصل في هذا الوقت المسمى الغفلة ، وفي اغلب الاوقات لايعلم الانسان ماذا حصل او ماذا فعل في وقت الغفلة ، والسبب في حدوث هذه الغفلة الشياطين ، وعلى الانسان ان يعلم انه قد يتربص شيطان بانسان لمدة شهر كامل ليصل به الى دقيقة غفلة ، ليسيطر عليه . وغالبا ما يؤخذ في دقيقة الغفلة اكبر القرارات المصيرية ، او العصبية الشديدة او الكفر ، كشتم الذات الالهية والعياذ بالله ، وهناك من تحصل عنده الغفلة لمرة واحدة ، وهناك من تتكرر واذا تكررت عند انسان فهو مريض بها وعليه ان لا يستهين بها ، لان الانسان قد يقتل ، او يسرق ، او يظلم ، في لحظة غفلة . اما القسم الثالث : فهو السهو وللسهو احوال كثيرة منها ، السهو عن الصلاة ، و السهو في الصلاة ، والسهو عن قراءة القرآن ، والسهو في قراءة القرآن ، والسهو عن الذكر ، والسهو في الذكر . والسهو المرض هو الذي ذكر السهو اعلاه ، اي سها فيه اي تركه عن غير علم ، ولكن السهو عنه ليس مرضا ، اي سها عنه تركه مع العلم . يقول الله تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم : { فويل للمصلين (4) الذين هم عن صلاتهم ساهون (5) } سورة " الماعون " . والسهو هو نسيان الحاضر ولا يوجد له علاقة في نسيان الماضي لان نسيان الماضي يتعلق بالذاكرة ، وفي الغالب فأن العلاج الروحاني يعالج المؤمنين ، يقول الله تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم { وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين الا خسارا (82) } سورة " الاسراء " . وينحصر السهو كمرض روحاني في السهو في الصلاة ، والسهو في الوضوء ، والسهو في الذكر ، والسهو في قراءة القرآن ، والسهو بالعمل ، والسهو في التعامل مع الناس ، والسهو عن المطالبة بما هو له ، والسهو عن تأدية ما يطلب منه ، والسهو غير المقصود عن حقوق الآخرين ، والى ما شابه ذلك . اما القسم الرابع : فهو فقدان الذاكرة . وتنقسم الذاكرة الى خمسة اقسام : فهناك ما يسمى الذاكرة البصرية ، وهو ان يذكر الانسان مشهدا سبق ان شاهده ، وهناك الذاكرة السمعية ، وهي ان يذكر الانسان صوتا سبق له ان سمعه ، الذاكرة الذوقية ، وهو ان يذكر الانسان طعم شيء سبق له ان ذاقه ، الذاكرة الشمية ، وهو ان يذكر الانسان رائحة سبق له ان تشممها ، والذاكرة النطقية ، وهو ان يذكر الانسان ما صدر منه من قول ، هذه هي الذاكرة ، وهي معقدة جدا لكثرة ما لها من تفاصيل ، والذاكرة الروحانية هي الوعي الروحاني ، وهو ان كل الذاكرة نشيطة ، واذا كسلت لدى انسان اي من الذاكرات الخمس ، شعر الآخرون ان فلانا اقرب الى الجنون ، اما اذا تعطلت احد الذاكرات فستعلق في العقل لدى الانسان المصاب آخر كلمة في الذاكرة فيبدأ بتكريرها حتى يصبح من حوله يتهمونه بالجنون ، واما اذا فقد الانسان الذاكرات الخمس فهو مصاب بفقدان الوعي الروحاني ، فيكون صحيا على افضل حال ، لكنه عقليا ، لا يفقه من الدنيا اي شيء ، وفي هذا القدر كفاية .